[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]رفعت الجمال مع ابنه
مذكرات (رفعت) عن هذه الفترة تقول
"مرة أخرى وجدت نفسي أقف عند نقطة تحول خطيرة في حياتي. لم أكن أتصور أنني ما أزال مدينًا لهم، ولكن الأمر كان شديد الحساسية عندما يتعلق بجهاز المخابرات. فمن ناحية روعتني فكرة الذهاب إلى قلب عرين الأسد. فليس ثمة مكان للاختباء في (إسرائيل)، وإذا قبض عليَّ هناك فسوف يسدل الستار عليَّ نهائيًا والمعروف أن (إسرائيل) لا تضيع وقتًا مع العملاء الأجانب. يستجوبونهم ثم يقتلونهم. ولست مشوقًا إلى ذلك. ولكني كنت أصبحت راسخ القدمين في الدور الذي تقمصته، كما لو كنت أمثل دورًا في السينما، وكنت قد أحببت قيامي بدور (جاك بيتون). أحببت اللعبة، والفارق الوحيد هذه المرة هو أن المسرح الذي سأؤدي عليه دوري هو العالم باتساعه، وموضوع الرواية هو الجاسوسية الدولية. وقلت في نفسي أي عرض مسرحي مذهل هذا؟... لقد اعتدت دائمًا وبصورة ما أن أكون مغامرًا مقامرًا، وأحببت مذاق المخاطرة. وتدبرت أمري في إطار هذه الأفكار، وتبين لي أن لا خيار أمامي. سوف أؤدي أفضل أدوار حياتي لأواجه خيارين في نهاية المطاف: إما أن يقبض عليَّ وأستجوب وأشنق، أو أن أنجح في أداء الدور وأستحق عليه جائزة الأوسكار".
تسلم الجمال مبلغ 3000 دولار أمريكي من المخابرات المصرية ليبدأ عمله وحياته في إسرائيل. وفي يونيو 1956 استقل سفينة متجهة إلى نابولي قاصدًا أرض الميعاد.
إنجازاته حسب المخابرات المصرية
تزويد مصر بميعاد العدوان الثلاثي على مصر قبله بفترة مناسبة إلا أن السلطات لم تأخذ الأمر بمأخذ الجد .
تزويد مصر بميعاد الهجوم عليها في 1967 إلا أن المعلومات لم تأخذ مأخذ الجد لوجود معلومات أخرى تشير بأن الهجوم سيكون منصبا على سوريا .
إبلاغ مصر باعتزام إسرائيل إجراء تجارب نووية، واختبار بعض الأسلحة التكنولوجية الحديثة، أثناء لقائه برئيسه علي غالي في ميلانو
زود مصر بالعديد من المعلومات التي ساعدت مصر على الانتصار في حرب أكتوبر .
كانت له علاقة صداقة وطيدة بينه وبين موشي ديان و عيزر وايزمان و شواب و بن غوريون
إنجازاته حسب المخابرات الإسرائيلية
قلل مسؤولي المخابرات الأسرائية من شأن المعلومات التي نقلها بيتون, ويرون أنه خدمهم أيضا بمعلومات عن مصر لأنه عمل كعميل مزدوج حسب روايتهم.
تتلخص أهم النقاط التي ذكرتهاالمخابرات الإسرائيلية كالتالي:
نقل معلومات سرية دقيقة وصحيحة لا تلحق أضرارا بأمن إسرائيل لكنها من جهة ثانية ترفع من شأن بيتون لدى المخابرات المصرية
إعطاء إنطباع إن الجيش الأسرائيلي يستعد لعملية انتقامية واسعة النطاق ضد الأردن
تغذية المخابرات المصرية بمعلومات كاذبة حول المخططات العسكرية الإسرائيلية، ومكنت هذه المعلومات مصر من الوصول إلي نتيجة مفادها أن إسرائيل لن تبدأ بتوجيه ضربة وقائية للحشود العسكرية المصرية في سيناء، وتضمنت المعلومات التي نقلها (بيتون) لمصر ما يستشف منه أن إسرائيل وفي حال شنها هجوما على القوات المصرية لن تستخدم سلاح الجو، وأن الهجوم سيشن في موعد متأخر عن الموعد الذي خطط له فعلا.
تصديق المصريين لمعلومات الهجان وإبقاء طائراتهم الحربية على الأرض في المطارات معرضة لهجوم جوي.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]مذكراته
قرر الهجان أن يكتب مذكراته ، وأودعها لدى محاميه ، على أن يتم تسليمها لزوجته بعد وفاته بثلاث سنوات حتى تكون قد استعادت رباط جأشها ولديها القدرة على أن تتماسك وتتفهم حقيقة زوجها الذي عاش معها طوال هذه السنوات الطوال ويروي في مذكراته كيف حصل على امتياز التنقيب عن البترول المصري، في عام 1977 ، ليعود أخيرًا إلى مصر وفي نهاية مذكراته، يتحدَّث رفعت الجمَّال عن إصابته بمرض خبيث، وتلقيه العلاج الكيمائي، في أكتوبر ، وقد كتب "الجمال" وصية تفتح في حال وفاته ، وكان نصها كالتالي :
"وصيتي. أضعها أمانة في أيديكم الكريمة السلام على من اتبع الهدى بسم الله الرحمن الرحيم إنا لله وإنا إليه راجعون لقد سبق وتركت معكم ما يشبه وصية، وأرجو التكرم باعتبارها لاغية، وهاأنذا أقدم لسيادتكم وصيتي بعد تعديلها إلى ما هو آت: في حالة عدم عودتي حيا أرزق إلى أرض الوطن الحبيب مصر أي أن تكتشف حقيقة أمري في إسرائيل، وينتهي بي الأمر إلى المصير المحتوم الوحيد في هذه الحال، وهو الإعدام، فإنني أرجو صرف المبالغ الآتية:
لأخي من أبى سالم على الهجان، القاطن.. برقم.. شارع الإمام على مبلغ.. جنيه. أعتقد أنه يساوى إن لم يكن يزيد على المبالغ التي صرفها على منذ وفاة المرحوم والدي عام 1935، وبذلك أصبح غير مدين له بشيء.
لأخي حبيب على الهجان، ومكتبه بشارع عماد الدين رقم...، مبلغ... كان يدعى أنى مدين له به، وليترحم على إن أراد
مبلغ... لشقيقتي العزيزة شريفة حرم الصاغ محمد رفيق والمقيمة بشارع الفيوم رقم .. بمصر الجديدة بصفة هدية رمزية متواضعة مني لها، وأسألها الدعاء لي دائما بالرحمة.
المبلغ المتبقي من مستحقاتي يقسم كالآتي: نصف المبلغ لطارق محمد رفيق نجل الصاغ محمد رفيق وشقيقتي شريفة، وليعلم أنني كنت أكن له محبة كبيرة. النصف الثاني يصرف لملاجئ الأيتام بذلك أكون قد أبرأت ذمتي أمام الله، بعد أن بذلت كل ما في وسعى لخدمة الوطن العزيز، والله أكبر والعزة لمصر الحبيبة إنا لله وإنا إليه راجعون
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
تقصير مصر في حقه
بعد أن أتم رفعت الجمال عمليته الجاسوسية في إسرائيل عاد إلى مصر بعد أن ضاقت الدنيا به. وطلب من أنور السادات أن يعمل في مجال البترول. وأسس شركة آجيبتكو . وأعطى أنور السادات تعليماته لوزير البترول بأن يهتم بهذا الرجل العائد في شخصية جاك بيتون، دون أن يفصح عن شخصيته. وشدد علي أهمية مساعدته وتقديم كل العون له ، فلم تجد وزارة البترول سوي بئر مليحة المهجور لتقدمه له بعد أن تركته شركة فيليبس، لعدم جدواه. ورفضت هيئة البترول السماح له بنقل البترول من البئر في الصحراء الغربية إلى داخل البلاد بالتنكات. وأصرت علي نقله بأنابيب البترول، وهو ما لم يستطعه رفعت الجمال ماديا ، فلجأ مرة أخري إلي السادات الذي كرر تعليماته بمساعدته وتقديم كل العون له. لكن أحدًا لم يهتم به، فساءت حالة شركته من التعقيدات، فتصرفت فيها زوجته فالتراود بيتون بعد أن مات في عام 1982. وباعتها لشركة دنسون الكندية وسط استغراب زوجته من سوء المعاملة. ولرفعت الجمال ابن واحد من زوجته الألمانية إلا أنه لا يحمل الجنسية المصرية ، حيث أن المخابرات المصرية وفي أطار الأعداد للعملية قد قامت بإزالة كل الأوراق التي قد تثبت وجود رفعت الجمال من كل الأجهزة الحكومية بحث صار رفعت الجمال رسميا لا وجود له ، وبالتالي لا يستطيع ابنه الحصول على جواز السفر المصري الأمر الذي أدى بزوجته وابنه أن يقدموا إلتماس لرئيس الجمهورية محمد حسني مبارك لأستغلال صلاحياته في اعطاءه الجنسية ، إلا أن طلبها قوبل بعدم اهتمام.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وفاته
توفي الجمال بعد معاناته بمرض سرطان الرئة عام 1982 في مدينة دارمشتات القريبة من فرانكفورت بألمانيا ودفن فيها.
وهكذا كانت نهاية المناضل .. رأفت الهجان .. ‘